أدرار… مدينة “تغرق في القمامة” رغم المؤسسات الخاصة: صيفٌ ساخن وروائح أشدُّ لهيبًا

في الوقت الذي تُواصل فيه المؤسسات الخاصة المكلّفة بجمع القمامة المنزلية نشاطها في بلدية أدرار، ووفق ما تؤكده الجهات الرسمية عبر نشرات دورية، فإنّ الواقع الميداني في عدد من الأحياء لا يزال يُنذر بكارثة بيئية وصحية صامتة، تحت وطأة حرارة تفوق الخمسين، وروائحٍ تزكم الأنوف، وتسيُّبٍ إداري لا يُحتمل.
مؤسسات خاصة… ولكن؟
حسب مصادرنا المقربة من بلدية أدرار، تقوم مؤسسات مثل منسة، كنتاوي، البهضة، لمعلّم محمد العيد، وبن السيحمو بتغطية أحياء واسعة من المدينة في إطار تحسين الخدمة العمومية، حيث تُسند لكل منها مناطق محددة.
لكن السؤال المطروح بشدة من طرف المواطنين أين هي نتائج هذا التوزيع اليومي؟ ولماذا لا تزال أحياء مثل حي 5 جويلية، حي بلبداوي، حي الأرض، قصر الشارف، قصر الحاجب، حي 200 مسكن، وحي الآفاق، تعاني من تكدس القمامة بشكل خانق؟
رائحة صيف.. ونفايات مزمنة
في هذه الأحياء، باتت النفايات لا تُرفع إلا بعد نداءات استغاثة أو شكاوى متكررة، يقول أحد سكان حي الأرض في بايزون
“كلّ يوم صباحًا نستفيق على أكوام القمامة أمام منازلنا. لا نعلم هل نفتح النوافذ للتهوية أم نغلقها هربًا من الغازات الكريهة والحشرات الطائرة.”
أما في حي 300 مسكن، فتحوّل محيط السوق الجواري إلى مفرغة مفتوحة، تتكاثر فيها الكلاب الضالة والحشرات، في مشهدٍ يُقوّض كليًا أي حديث عن “إطار معيشي راقٍ”.
الحمامات التقليدية… بؤر إضافية للتلوث
الوضع يزداد تعقيدًا بفعل انتشار الحمامات التقليدية (السطول والمطامير) في عدد من الأحياء التي لا تزال خارج التغطية الكاملة للصرف الصحي. هذه الحمامات، ومع الحرارة، تُطلق روائح خانقة، تندمج مع النفايات في توليفة سامة ومرعبة.
في قصر الشارف وقصر تميم، تُسجّل حالات اختناق مزمنة عند بعض كبار السن، فيما لا تخفي العائلات قلقها من انتشار الأمراض الجلدية والطفيلية بين الأطفال، خاصة في ظل غياب حملات رش وقائية.
بين واقع المواطن وتصريحات المسؤول….
رغم التطمينات الرسمية ومناشير “نُثمن جهود الأعوان”، إلا أن الحقيقة الميدانية تؤكد أن:
توقيت مرور شاحنات جمع القمامة غير منتظم، بل أحيانًا غائب تمامًا؛
لا توجد لوحات إرشادية أو إعلانات مسبقة توجّه المواطن بخصوص مواقيت رمي القمامة
بعض الأعوان لا يلتزمون بالمسار الكامل لأحيائهم، وفق شهادات من أحياء مثل الآفاق، قصر أولاد اونقال، الحاجب، وحي الأمير.
“إذا كانت الشركات مكلفة، فأين هي الرقابة على أدائها؟ وأين هو مكتب النظافة في البلدية؟”، يسأل أحد الفاعلين الجمعويين في تمنطيط.
مواطنون يطالبون… ولا مجيب
تتزايد يومًا بعد يوم دعوات السكان بضرورة
إعادة تقييم عمل المؤسسات الخاصة وربطها بمؤشرات أداء حقيقية؛
تنظيم حملات تنظيف طارئة خاصة في الأحياء المتضررة؛
فرض رقابة صارمة على الأحياء خارج مركز المدينة
وتفعيل خدمة جمع القمامة في الليل لتفادي الحر والازدحام.
حتى إن البعض اقترح إطلاق تطبيق بلدي لتبليغ النقاط السوداء وتقييم أداء الأعوان.
من المسؤول؟
النظافة مسؤولية مشتركة، نعم… لكنّها تبدأ من الجهات المسؤولة التي يجب أن توفر الوسائل، تنظم الفرق، تراقب الأداء، وتحاسب المُقصّرين.
في أدرار، يبدو أن النوايا موجودة، لكن النتائج غائبة والروائح حاضرة.
والى أن تتحرّك السلطات بجدية، تبقى القمامة ديكورًا رسميًا في قلب صيفٍ ملوّث…
ولا عزاء لساكني الأزقة المنسية.
بقلم : علي لكرومب تسابتي