الوطني

الجزائر تطلق الطبعة الثانية من حاضنة “مبادرات” لدعم الصناعات الثقافية والتكنولوجية

تستعد الجزائر لإطلاق الطبعة الثانية من حاضنة “مبادرات” يوم الخميس المقبل، بمقر المدرسة العليا الجزائرية للأعمال في “صافاكس” بالعاصمة. هذه المبادرة المشتركة بين وزارة الثقافة والفنون ووزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، تأتي لتعزيز دعم رواد الأعمال الشباب والمؤسسات الناشئة العاملة في المجال الثقافي والإبداعي، خصوصًا تلك التي تدمج بين الفنون والابتكار التكنولوجي. يُعد هذا الإطلاق استكمالًا للنجاح الذي حققته الطبعة الأولى واهتمام الشباب المبدع بها.

تسعى حاضنة “مبادرات” إلى مرافقة ما بين 15 إلى 20 مؤسسة ناشئة أو صغيرة ومتوسطة، تنشط في مجالات واسعة تشمل الفنون، التصميم، الإعلام، الترفيه، بالإضافة إلى الشركات التكنولوجية ذات الطابع الإبداعي. تمثل هذه الخطوة جهداً عملياً نحو تحويل الإبداع الثقافي إلى رافعة اقتصادية حقيقية، وتعزيز مكانة الصناعات الثقافية كقطاع حيوي ومساهم في التنمية الوطنية الشاملة.

تهدف الحاضنة إلى توفير بيئة خصبة لولادة مشاريع مستدامة في مجال الصناعات الإبداعية، وتعزيز قدرتها التنافسية في السوق المحلي والدولي. ويتحقق ذلك من خلال توفير فضاءات متكاملة للتوجيه، التكوين المتخصص، والمرافقة القانونية اللازمة، مما يضمن للمشاريع الناشئة أسسًا قوية للنمو.

تتميز الطبعة الثانية بمشاركة فاعلة لعدد من الشركاء الاستراتيجيين البارزين، مثل المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بالإضافة إلى المدرسة العليا الجزائرية للأعمال. سيتضمن برنامج الإطلاق ورشات عمل تفاعلية تركز على حقوق الملكية الفكرية وتثمين الإبداعات، إلى جانب جلسات تدريبية قيمة يؤطرها خبراء محليون ودوليون في ريادة الأعمال الثقافية. كما ستُعقد لقاءات ثنائية (B2B) لتشجيع التشبيك وتبادل الخبرات بين أصحاب المشاريع والمستثمرين أو الهيئات الداعمة، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون.

يعكس إطلاق هذه المبادرة وعياً متزايداً لدى السلطات العمومية بأهمية الاستثمار في الإبداع كقيمة اقتصادية ومجتمعية حاسمة. فالصناعات الثقافية، التي تضم مجالات مثل السينما، الموسيقى، النشر، الألعاب، والتصميم، تُعد اليوم من أسرع القطاعات نموًا على مستوى العالم. تفتح هذه الصناعات آفاقًا واسعة للتشغيل الذاتي، وتصدير المحتوى الجزائري، وجذب الاستثمار الأجنبي، مما يعزز الاقتصاد الوطني.

إن دعم هذا القطاع، من خلال الحاضنات وبرامج التكوين والمرافقة، يمثل خطوة ضرورية لدمج الثقافة ضمن النسيج الاقتصادي، وتحويلها من قطاع استهلاكي إلى قطاع منتج يولد الثروة والمعرفة. في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، لم يعد الإبداع مجرد ترف فكري، بل أصبح أداة استراتيجية للتنمية الشاملة. تؤكد حاضنة “مبادرات” في طبعتها الثانية أن الجزائر تسير بثبات نحو نموذج اقتصادي جديد يجعل من المبدع الجزائري رائدًا اقتصاديًا، ومن الثقافة مجالًا للإبداع وريادة الأعمال المستدامة.

إن الاستثمار في الصناعات الإبداعية اليوم هو في جوهره استثمار في هوية الغد، وفي بناء اقتصاد متجدد، وفي تمكين أجيال قادمة تمتلك أدوات التعبير، الخلق، والتأثير.

بقلم: بن عائشة نسرين

زر الذهاب إلى الأعلى