
قضت محكمة الشراقة اليوم الأربعاء، بتوقيع عقوبة عامين حبسًا نافذًا وغرامة مالية قدرها 500 ألف دينار ضد “ب.م”، المدير العام السابق للمؤسسة الفلاحية لإنتاج البذور (SAPSEC)، التي هي حاليًا في حالة تصفية وتعد فرعًا مملوكًا بالكامل للديوان الوطني المهني للحبوب. كما شمل الحكم المدير المالي “م.م”، مع إلزامهما بدفع تعويض مشترك بقيمة 200 مليون سنتيم (2 مليون دينار جزائري). يتعلق الملف بإساءة استغلال الوظيفة بموجب قانون مكافحة الفساد.
تعود ملابسات القضية إلى تحويل المتهمين مبالغ مالية إلى حساباتهما الشخصية، تتراوح بين مليار و2.4 مليار سنتيم. زعما أن هذه المبالغ هي حقوق مالية مستحقة بناءً على بند في عقد عملهما، يقضي بتعويض يعادل 36 شهرًا من الأجر في حال حل الشركة وإنهاء علاقة العمل.
تفاصيل القضية بدأت بشكوى وادعاء مدني من الديوان الوطني المهني للحبوب، التي أفادت بوجود تجاوزات وتحويلات مالية غير قانونية. بدأت القضية بتهم خيانة الأمانة والغدر، قبل أن يتم تكييفها بعد انتهاء التحقيق إلى جنحة إساءة استغلال الوظيفة. ووفقًا لتقرير الديوان، وبموجب قرار من مجلس مساهمات الدولة في 6 مارس 2024، تم إعادة هيكلة المزارع النموذجية، مما أدى إلى إنشاء مؤسسة عمومية اقتصادية جديدة مكلفة بتطوير الزراعات الاستراتيجية، ودمج “SAPSEC” ضمنها وتصفيتها.
في 5 جوان 2024، تم الاتفاق على حل وتصفية “SAPSEC” واستبدالها بشركة “SODESEM”. تم إعادة تنصيب المدير “ب.ك.م” كمدير عام للفرع الجديد، وتحويل مستخدمي الشركة المنحلة إليه، بمن فيهم مدير الإدارة المالية. لكن في 3 سبتمبر 2024، تلقى الديوان تقريرًا يفيد بتحويل “ب.ك.م” مبلغ 2.4 مليار سنتيم و”م.م” مبلغ مليار سنتيم من حساب “SAPSEC” إلى حسابيهما. بعد الاستفسار، تبين وجود عقود عمل إطارات مسيرة تنص المادة 10 منها على حق الإطار في تعويض عن التوقيف يعادل الأجر الخاضع للضريبة لمدة 36 شهرًا في حالة حل الشركة.
المديرية العامة لديوان الحبوب أبدت تفاجئها بهذه العقود، مؤكدة أنها لم تعرض عليها ولم توافق على بنودها، ولم تفوض أي شخص بالموافقة عليها، واعتبرت التعويضات “باهظة وغير منطقية”.
خلال جلسة المحاكمة، أكد المدير العام السابق لـ”SAPSEC” المنحلة أنه تولى تسيير المؤسسة منذ عام 2017، وأن عقد عمله كإطار مسير تم تجديده لمدة أربع سنوات بنفس البنود من قبل مجلس إدارة الديوان الوطني للحبوب. اعترف بتحويل المبلغ على أساس “منحة الحل” وفقًا لبنود العقد، وأنه وقّع على تقرير صب المبلغ الخاص بمدير الإدارة بناءً على نفس البويض. نفى المتهم تحويل المبالغ قبل حصول العمال على تعويضاتهم.
من جانبها، استفسرت رئيسة المحكمة عن سبب عدم مناقشة بنود العقد وعرضه على مجلس الإدارة، وأبدت استغرابها لإشراف المتهم على إبرام عقد عمل مدير الإدارة والمالية في مكتبه دون عرضه على مجلس الإدارة. أشار المتهم أنه أعاد المبلغ المالي مباشرة بعد استجوابه من قبل الديوان.
أما المتهم الثاني، “م.م” مدير الإدارة والمالية، فقد أكد توقيعه لعقد العمل في مكتب مديره المباشر، وأن المبلغ الذي حوله لحسابه كان بناءً على العقد المبرم مع المؤسسة. اعترف برفضه في البداية إعادة المبلغ المالي. ذكر أن راتبه الشهري كان يصل أحيانًا إلى 120 مليون سنتيم، وهو ما أثار استغراب المحكمة. برر المتهم ذلك بأن الراتب يتضاعف بناءً على العلاوات والأرباح.
لكن شهود المحكمة، وهم أعضاء من مجلس إدارة الديوان الوطني للحبوب، أكدوا أن المبلغ يتضاعف مرة واحدة كل ثلاثة أشهر باحتساب العلاوات فقط، ولا يمكن أن يصل إلى 120 مليون سنتيم شهريًا. تراجع المتهم بعد ذلك ليؤكد أن راتبه الشهري حدد في العقد بـ15 مليون سنتيم. كما أفاد بأنه أعاد جزءًا من المبلغ المحول، وأن ما تبقى في ذمته هو 500 مليون سنتيم فقط.
دفاع الطرف المدني أكد أن قيمة التحويلات أثارت “زلزالًا” في وزارة الفلاحة قبل الديوان الوطني للحبوب. واعتبر أن مبلغ 24 مليون دينار جزائري كتعويض عن حل شركة لإطار مسير هو “غير منطقي وغير مبرر”. وطالب الدفاع بتعويض قدره 11 مليون دينار جزائري من المتهم “ب.م.ك” و17 مليون دينار جزائري من المتهم “م.م”، مؤكدًا أن مدير شركة “سابساك” المنحلة خطط مع مدير الإدارة والمالية لإضافة البند الذي يمكّنهما من تعويض بقيمة 36 شهرًا في عقد عملهما.
بن عائشة نسرين