تتجه أنظار سلطنة عمان نحو تعزيز استثماراتها في الجزائر، مستهدفة قطاعي الموانئ والسكن، وذلك بالتزامن مع انعقاد منتدى الأعمال الجزائري – العماني يوم الثلاثاء 24 جوان 2025 في الجزائر العاصمة. هذا المنتدى، الذي يأتي بمشاركة رفيعة المستوى من مسؤولين حكوميين ورجال أعمال من كلا البلدين، يشكل خطوة نوعية نحو توسيع الحضور الاستثماري العماني في السوق الجزائرية.
يشارك في المنتدى مؤسسات عمانية كبرى مثل “أسياد” المتخصصة في اللوجستيات، ومجموعة “عمران” الحكومية للتطوير العمراني، و”مدائن”، بالإضافة إلى الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة، مما يؤكد الاهتمام العماني بمشاريع مهيكلة وذات قيمة مضافة. ويأتي هذا الحراك الاقتصادي في سياق حلول سلطنة عمان ضيف شرف الطبعة الـ56 لمعرض الجزائر الدولي، الذي يقام تحت شعار “من أجل تعاون مشترك ومستدام” خلال الفترة من 23 إلى 28 جوان الجاري بقصر المعارض الصنوبر البحري، برعاية رئيس الجمهورية.
يعتبر المنتدى ثمرة لمسار سياسي متصاعد بدأ بزيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى سلطنة عمان في أكتوبر الماضي، تبعتها زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر في ماي 2025، حيث تم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في قطاعات حيوية. ويبرز مشروع “هيونداي” المشترك بين مجموعة “بهوان” العمانية وشريك جزائري كأحد أهم المشاريع الثنائية قيد التحضير، ليندرج ضمن إستراتيجية الجزائر لتصنيع السيارات محليًا.
تتضمن أجندة المنتدى عروضًا مرئية وفيديوهات ترويجية لمناخ الأعمال في الجزائر وعمان، ويسلط الضوء على البنية الاقتصادية المتطورة لكلا البلدين. وتتوزع أشغال المنتدى على ثلاث جلسات حوارية رئيسية. الجلسة الأولى تركز على قطاع اللوجستيات، بمشاركة المجموعة العمانية العالمية للوجستيات “أسياد” ووزارة النقل العمانية، حيث سيتم بحث فرص تطوير البنى التحتية والتكامل المينائي بين البلدين، خاصة مع سعي الجزائر لبناء أقطاب لوجستية في الجنوب والواجهة المتوسطية.
أما الجلسة الثانية فتناقش قطاع الصناعات التحويلية، بمشاركة وزارة التجارة والصناعة العمانية والهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة، وتهدف إلى استعراض التجارب الناجحة في تصنيع المواد الأولية وخلق قيمة مضافة من الموارد المحلية. بينما تركز الجلسة الثالثة على قطاع التطوير العمراني، بمساهمة وزارة الإسكان والتخطيط العمراني العمانية ومجموعة “عمران” الحكومية، لبحث إمكانية التعاون في إنجاز مشاريع عمرانية وسياحية كبرى، بما يتماشى مع توجه الجزائر لدعم الاستثمار العقاري السياحي المستدام، مثل مشروع سكنات “عدل 3” الذي أطلقته قبل عام.
يُختتم المنتدى بجلسات ثنائية مباشرة بين رجال الأعمال من الجانبين، بهدف بحث الشراكات المحتملة وتوقيع مذكرات تفاهم ميدانية. ويشكل هذا المنتدى تحولاً في العلاقات الجزائرية – العمانية من التعاون الثنائي التقليدي إلى شراكة إستراتيجية مبنية على تكامل القدرات اللوجستية والتصنيعية والعمرانية.
يعكس اختيار سلطنة عمان كضيف شرف لمعرض الجزائر الدولي، خلفًا لدول كبرى، التقدير الجزائري لمتانة هذه العلاقة، وينذر بمرحلة جديدة من التعاون الاستثماري القائم على الثقة السياسية والتقارب الاقتصادي. وتأتي هذه الديناميكية في ظل انفتاح الجزائر على الشراكات النوعية وإصلاحاتها الاستثمارية، في حين تسعى سلطنة عمان لتوسيع خريطة استثماراتها الدولية وتنويع شراكاتها خارج نطاقها الإقليمي التقليدي.
بن عائشة نسرين
