وزير الاتصال يدعو لتشكيل جبهة إعلامية موحدة دفاعًا عن الجزائر

دعا وزير الاتصال، الدكتور محمد مزيان، إلى ضرورة بناء جبهة إعلامية موحدة للدفاع عن الجزائر الحرة السيدة الأبية. جاء هذا التصريح الهام في رسالة كتبها الوزير لجريدة “الشعب” تحت عنوان “الحدث والرسالة”، مؤكدًا فيها على الدور المحوري للإعلام في حماية صورة الوطن ومواجهة التحديات الراهنة.
تزامنت هذه الدعوة مع الاحتفال بالذكرى المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب، حيث أشار الوزير إلى أن استقلال الجزائر في 5 يوليو 1962 كان متعدد الأبعاد، ليشمل الجوانب الدبلوماسية، السياسية، الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية، والإعلامية. واستشهد بتأسيس جريدة “الشعب”، “أم الجرائد”، بعد الاستقلال مباشرة كدليل على أهمية الإعلام في تلك المرحلة. ولفت إلى أن 5 يوليو يعود اليوم ليجدد أهمية تضافر جهود الجميع للعمل سويًا على الدفاع عن صورة الجزائر والتصدي لمختلف الرهانات، معتبرًا الإعلام فاعلًا حقيقيًا في مسيرة بناء المجتمع وتطوره.
وسلط مزيان الضوء على المساهمات التاريخية للإعلام الوطني في مسيرة استقلال الجزائر، مشيدًا بدوره في حفظ الهوية الوطنية والتصدي لأي محاولات للمساس بالبلاد ومقدساتها ورموزها. وأكد أن جريدة “الشعب”، على مدى قرابة 63 عامًا من تأسيسها، قد أرّخت العديد من الإنجازات الإعلامية التي دعمت القيم الإنسانية ودعت إلى تجسيد الشرعية الدولية، وعبرت عن الشعب بلغته الأصيلة، وساهمت في الحفاظ على هويته التي حاول الاستعمار طمسها. وأضاف أن “أم الجرائد” لعبت دورًا بارزًا في حفظ الإرث الثقافي للأمة الجزائرية ومواكبة كل مراحل الجزائر المستقلة، وتدوّن اليوم انتصاراتها في كافة المجالات، وترافق إنجازاتها، وتهتم بانشغالات المواطن، مساهمة في بناء الجزائر الجديدة بمهنية طاقمها وثقة مصادرها وخطابها الإعلامي المسؤول.
وأكد وزير الاتصال أن مهمة الإعلام الوطني تتجاوز مجرد نقل الأخبار والمعلومات لتصبح شريكًا أساسيًا في صياغة وعي الأفراد وتوجيه الرأي العام، حيث يسهم في ترسيخ القيم الأخلاقية والاجتماعية، والحفاظ على الهوية الثقافية، وتسليط الضوء على قضايا المجتمع وهموم المواطن. كما يواكب الإعلام التحولات الاقتصادية والتكنولوجية ويساهم في تعزيز التنمية المستدامة من خلال التوعية والتثقيف ومرافقة السياسات العمومية والمشاريع الكبرى للدولة. وشدد على أن مجتمعًا بلا إعلام مسؤول وفعّال هو مجتمع ناقص النمو والاتصال، وأن تطور الشعوب والمجتمعات لا يتأتى إلا بإعلام موضوعي وقوي يسعى إلى تكريس صحافة مهنية ومسؤولة تحترم قواعد المهنة وأخلاقياتها، وتستجيب لتطلعات المواطن، وتضمن حقه في الحصول على معلومة موثوقة وذات مصداقية.
وأشار الوزير إلى أن دستور 2020 كرس حرية الإعلام كمبدأ ثابت لا رجعة فيه، وأن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أحاط الأسرة الإعلامية بالدعم الذي تستحقه من خلال توفير البيئة المناسبة لممارسة عملها في إطار إصلاحات واكبت التطورات، بهدف تعزيز مساهمة الإعلام في ترقية الممارسة المهنية ومواكبة الحركية التنموية واستكمال بناء جزائر المؤسسات الآمنة والقوية والمزدهرة.
وفي ظل راهن دولي وإقليمي معقد، تبرز إرادة سياسية قوية لترقية المجال الإعلامي، ترجمت بتعزيز الترسانة القانونية للقطاع، لتكرس لإعلام مهني موضوعي ومسؤول، يبرز الرغبة الملحة للسلطات العليا في البلاد في استعادة مكانة الصحفي ودوره في المجتمع وتهيئة كل الظروف المناسبة لرجال الإعلام في مرافقة التحولات والتحديات التي يشهدها العالم.
وأكد الوزير أن العبرة من إحياء الذكرى المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب تكمن في الإبقاء على الذاكرة الجماعية حية والعمل من أجل التطور في شتى الميادين وتحقيق الأهداف التي قامت عليها ثورة نوفمبر، لتبقى مختلف شرائح وفئات المجتمع الجزائري، لاسيما الشباب، وفيّة لتضحيات الشهداء الأبرار. كما تجدد هذه المناسبة في القلوب روح الانتماء والوحدة الوطنية، وتذكر بأن الحرية والاستقلال قيم لا تقدر بثمن.
وشدد على أن الإعلام الوطني يؤدي دورًا محوريًا وأساسيًا للحفاظ على أمانة الشهداء، مع التنويه بالتضحيات الجسام التي قدموها. وأشار إلى أن “الشعب” والعديد من الصحف الوطنية العريقة التي تزامن ميلادها مع الاستقلال، كانت ولا تزال رافدًا من روافد الإعلام الوطني الذي يلعب دورًا رائدًا في تنوير الرأي العام من خلال تقديم محتوى إعلامي هادف ومسؤول.
واختتم مزيان رسالته بالتأكيد على أن الإعلام الجزائري ولد من رحم المقاومة ومن أجل الدفاع عن قيم الحرية والسيادة والاستقلال. وشدد على ضرورة بناء “جبهة إعلامية موحدة” تكون مستمدة من فكر الأمة الواحدة الموحدة بتاريخها وهويتها ودينها وذاكرتها، لتكون بمثابة حصن ضد كل محاولات التكالب والكراهية التي تستهدف الجزائر عبر وسائل الإعلام الأجنبية ومواقع التواصل الاجتماعي، والأبواق المأجورة. وأكد أن هذه الجبهة ستعمل بصفة حثيثة على عدم المساس بالخط الافتتاحي الخاص بكل مؤسسة إعلامية، وأن الأسرة الإعلامية الوطنية ستكون على قدر المسؤولية الموكلة إليها في الدفاع عن البلاد وصورتها وفق مبادئ بيان الفاتح من نوفمبر، وفي ظل الاحترام الصارم لأخلاقيات المهنة.
ولفت إلى أهمية الحفاظ على المصداقية التي تتمتع بها الصحافة الوطنية في الساحة الدولية، كونها لم تحد عن مواقف الدولة الجزائرية، وظلت ترافع لصالح القضايا العادلة في العالم، مستشهدًا بالقضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية كنماذج لهذا الموقف المبدئي والمشرف. وأخيرًا، دعا إلى وضع ورقة طريق واضحة للانتقال بالإعلام الجزائري نحو الأفضل، ليواكب التقدم العالمي ويتفاعل إيجابيًا مع الطفرة النوعية التي تعرفها الجزائر الجديدة، ويتصدى للهجمات الإعلامية الخارجية متعددة المصادر التي يزعجها القرار السيادي والمستقل للدولة الجزائرية.
بقلم: بن عائشة نسرين