الوطني

ملتقى “لغة الضاد في الإعلام”: رسالة وهوية ومسؤولية

احتضنت الجزائر الملتقى العربي الأول حول مكانة اللغة العربية في المنابر الإعلامية، تحت شعار “لغة الضاد في وسائل الإعلام: الواقع والآفاق”، وذلك بمبادرة من جمعية الكلمة للثقافة والإعلام وبرعاية وزارة الاتصال. شهد الملتقى مشاركة واسعة من إعلاميين، أكاديميين، ومفكرين عرب، في حدث ثقافي وإعلامي نوعي يهدف إلى إعادة الاعتبار للغة الضاد كرافعة حضارية وهوية وسيادة في مواجهة تحديات العولمة وهيمنة الإعلام الرقمي متعدد اللغات.

تؤمن وزارة الاتصال، المشرفة على هذا الملتقى، بالدور المحوري للاتصال في تعزيز الهوية اللغوية ونقل الخطاب العربي بمضامينه الأصيلة إلى الأجيال الصاعدة. ويؤكد المنظمون أن الدفاع عن اللغة العربية لا يكون برفع الشعارات فحسب، بل بإنتاج مضمون إعلامي محترم وهادف يضمن ديمومتها ويقوي أداءها في إنتاج المضامين الإعلامية عبر مختلف الوسائط.

في سياق النقاش حول مكانة اللغة العربية في فضاءات الاتصال، تناول الملتقى مسألة أخلاقيات المهنة، حيث من المنتظر أن يتم مناقشة هذا الموضوع الحساس للمساهمة في مواجهة الظواهر السلبية التي طرأت على العمل الإعلامي، مثل نشر الأخبار الكاذبة والخطابات المثيرة للتفرقة والشقاق التي تستهدف وحدة الأمة. وينتظر أن يطرح المشاركون موضوع الإعلام الهادف الذي يعزز السيادة الوطنية ويواكب تطلعات الشعوب.

وعلى الرغم من ثراء معجم اللغة العربية ويسر قواعدها النحوية، التي يعترف بها حتى غير الناطقين بها، إلا أن الملتقى سلط الضوء على تراجع جودة اللغة المستعملة في بعض وسائل الإعلام، حيث أصبحت مبتذلة في الأسلوب وتفتقر إلى التحكم في ناصيتها. وعليه، شدد المشاركون على ضرورة معالجة هذه المسألة لإيجاد آليات كفيلة بالحفاظ على سلامة وجودة هذه اللغة التي تنفرد بفصاحتها.

وفي هذا الإطار، أصبحت أولوية التكوين المستمر للإعلاميين أكثر من ضرورة، تماشيًا مع تحديث أدوات العمل ومواكبة الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة في الإعلام الرقمي. ويجب التنويه بأن اللغات الحية تقاس اليوم بمدى استعمالها في الفضاء الأزرق وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث اللغة العربية متواجدة بالفعل، ويجب فقط تأكيد حضورها وترسيخه من خلال إنتاج مضامين نوعية وجيدة، بما يضمن للإعلام العربي التصدي وبقوة للهجمة التي تستهدفه ضمن الحرب المعرفية.

يأتي هذا الملتقى في وقت تزداد فيه الحاجة إلى بناء جبهة إعلامية عربية موحدة، قادرة على التصدي لحملات التضليل والتشويه التي تستهدف المجتمعات العربية. ويرتقب أن يسهم الملتقى في وضع تصور عملي لتكامل الجهود الإعلامية العمومية والخاصة، والتركيز على تقييم الأداء الإعلامي العربي واقتراح آليات لتطويره وتحسين فعاليته. وبهذا، يشكل الملتقى منصة لتشجيع التنسيق بين الإذاعات والتلفزيونات العربية، من خلال تبادل البرامج والخبرات، وتأسيس مشاريع إعلامية مشتركة تدعم قيم الحوار والتكامل والتنمية، ويُنتظر أن يفتح آفاقًا جديدة أمام التعاون الإعلامي العربي في زمن الرقمنة.

بقلم: بن عائشة نسرين

زر الذهاب إلى الأعلى